يعود شاطئ بحر قطاع غزة إلى واجهة الاهتمام، ليكون قبلة الغزيين الأولى دون قلق من الأمراض التي كانت تُهدد حياتهم بسبب تلّوثه بمياه الصرف الصحي غير المُعالجة، لكن قبل أسبوع أعلنت دائرة "صحة البيئة" بوزارة الصحة أن 65% من طول شاطئ البحر آمن للسباحة هذا العام، ما جعل السكان يتنفسون الصعداء أخيرًا.
ورغم وجود خيار آخر للتنزه وهو "الشاليهات الصيفية" التي تتوفر فيها مسابح بمياه نظيفة، إلا أن الغزّيين لايزالون يجدون في الشريط الساحلي غربيّ القطاع "متنفسًا أساسيًا" في أيام الصيف الحارّة، يزداد الإقبال عليه خلال فترات المساء وأيام العطل، خاصة مع استمرار أزمة الكهرباء التي بدأت منتصف عام 2006 بعد قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة.
المجال الوحيد..
المواطن أسامة علي (44 عامًا) من سكان مخيم جباليا شمال القطاع، يقول لـ "وكالة سند للأنباء" إن "البحر هو المجال الوحيد من أجل التنزه في فصل الصيف، في ظل غلاء الأماكن الترفيهية الخاصة والتجارية".
ويُضيف "علي" أنه منذ سنوات يصطحب أطفاله كل عام إلى البحر، خصوصًا في الأوقات التي تشهد ارتفاعًا ملحوظًا، مشيرًا إلى أنه يحرص على زيارة الأماكن الآمنة، لتفادي خطورة الإصابة بالأمراض بسبب تلوث مياه الشاطئ.
وأعرب عن أمله بأن يكون الشاطئ على امتداده آمنًا، مردفًا: "الأنباء التي تحدثت عن زيادة مساحة السباحة الآمنة في بحر غزة تُسعدنا، لكنّ الخوف يظلّ قائمًا فلا ندري هل يُصيب أطفالنا الأمراض التي تنجم عن تلوث المياه أم لا".
أما المواطنة أم هيثم حسين، تُشير إلى أنها كانت تُفضّل الشاليهات الصيفية عن البحر خلال الأعوام الماضية، معللةً ذلك: "لقد أصاب طفلي مرضًا جلديًا بعد سباحته في مياه البحر دون معرفتنا السابقة بأنها ملوثة، ما دفعني فيما بعد لخيار الشاليهات".
وتتابع "أم هيثم": "لكن هذا العام ومع إعلان زيادة نسبة الأماكن الآمنة للسباحة، سيدفعنا ذلك إلى العودة مجددًا للمتنفس الوحيد، في ظل تردي الظروف الاقتصادية العامة، وغلاء أسعار أماكن التنزه الخاصة".
أماكن آمنة وأخرى ملوثة..
يتحدث مدير صحة البيئة في وزارة الصحة خالد الطيبي، الأماكن الآمنة والملوثة في بحر غزة، قائلًا: "إن 65% من طول شاطئ بحر غزة آمن للسباحة، في حين صُنفت 35% من مياه الشاطئ ملوثة".
ويُلفت "الطيبي" في حديثٍ مع إلى أن هذا التقييم جاء بعد إجراء فحص ميكروبيولوجي لجودة مياه شاطئ محافظات غزة، واصفًا هذه النتائج بـ "الأفضل" منذ سنوات، بسبب "تحسُّن جودة المعالجة في محطّات الصرف الصحي، وضخّ كميات أقل من مياه الصرف إلى الشاطئ".
وينوه إلى أن تصنيف أماكن السباحة على طول الشاطئ (آمنة أو ملوثة)، يكون تبعًا للمواصفات الفلسطينية، المعمول بها في قطاع غزة، المنبثقة عن منظمة الصحة العالمية، مستطردًا: "بعد فحص الأماكن يتم مقارنتها ببعضها، وتحديد درجة الخطورة سواءً كانت عالية أو متوسطة أو مقبولة، ومن ثم تُصنف هل يُسمح السباحة فيها أم لا".
ويتم إجراء فحوصات المياه _تبعًا للطيبي_ من خلال لجنة مشتركة مكونة، من سلطة المياه وجوده البيئة، ووزارة الصحة التي تتابع الشاطئ من بداية موسم الاصطياف حتى نهايته.
تصنيف الشواطئ..
وفي تصنيف الأماكن تبعًا لخطورتها، يورد مدير "صحة البيئة"، أن منطقة الشاطئ الشمالي غرب غزة يتصدر الأماكن الأشد تضررا هذا العام، بسبب وجود مصب مياه صرف صحي خام غير معالجة بمنطقة السودانية.
تليها المنطقة التي تمتد من منتجع الدولفين حتى مطعم حيفا بمنطقة الشيخ عجلين الواقعة في الناحية الجنوبية الغربية لمدينة غزة، وفق "الطيبي".
في حين رصد "صحة البيئة" تحسن ملموس على منطقة وادي غزة ودير البلح وسط القطاع هذا العام، بسبب وجود وحدات معالجة للمياه العادمة في المحافظة.
أما في خانيونس جنوب قطاع غزة، يُشير "الطيبي" إلى وجود منطقة "غير آمنة" للسباحة فيها، وتقع مقابل مدينة أصداء الترفيهية، لوجود مصب رئيسي للمياه العادمة.
وفي بحر رفح، تبدأ المنطقة الممنوعة من السباحة بعد 200 متر عن الحدود الجنوبية، حيث يوجد مصب للمياه العادمة يجعل المنطقة غير صالحة للسباحة.
وفي معرض حديثه، يتطرق مدير "صحة البيئة" إلى مخاطر السباحة في مياه البحر الملوّثة بالصرف الصحي، قائلًا: "تتسبب في حدوث أمراض عدة، منها التهابات بالجهاز التنفسي العلوي والتهابات في العيون والأذن وكذلك في تجويف الأنف، وفي الجلد، عدا عن التهابات الجهاز الهضمي لمن يبتلعون هذه المياه أثناء السباحة".
وفي الختام يُناشد "الطيبي" المصطافين بأن يكونوا على درجة من الوعي والمسؤولية تجاه أنفسهم، وعدم السباحة في المناطق الملوّثة حفاظًا على الصحة العامة.