في كل حراكٍ شعبي أو سياسي تشهده الأراضي الفلسطينية ضد إسرائيل، يلحظ المتابع تنوعًا زاخرًا بمضمون الهتافات التي يصدح بها المحتجون، ورغم بساطتها إلا أنها تجمع بين عفوية اللغة وعمق المعنى.
بدءاً بـ " قاوم قاوم قاوم عالنقب إوعى تساوم"، وليس انتهاءً بـ "شعبي حطم القيود، والحرية بدها تعود" أطلق سكان النقب هبّتهم الأخيرة في وجه مخططات الاحتلال الرامية لمصادرة الأراضي من خلال تجريفها، وأسفرت تلك الاحتجاجات عن إصابة واعتقال العشرات.
وحرص منظمو الاحتجاجات في النقب، على إبراز هويتهم الوطنية وترسيخ معاني الثبات فوق الأرض رغم كل محاولات تهويدها مرددين: "إرفع إيدك وعلي، الموت ولا المذلة".
يقول أستاذ اللغة العربية والناقد الفني فادي عصيدة إن الهتافات التي رصدها حملت معاني "تفضيل الموت على المذلة والتأكيد على هوية النقب الفلسطينية، وأنه جزء من دولة فلسطين".
ويُؤكد "عصيدة" أن المحتجين صمموا عبر هتافاتهم على "الصمود الجماعي في النقب والبقاء في أراضيهم حتى الموت، رغم هدم البيوت والاعتقالات والاعتداءات الوحشية بحقهم".
ووضع المحتجون في حساباتهم الانتفاضة على قرارات الظلم والانتصار في معارك الوعي، والاستمرار في مقاومة الاحتلال ورفض المساومة على النقب، يُكمل: "اتخذوا من الحجر سلاح لحماية الدار".
ومن الملاحظ أن بئر السبع كانت حاضرة في هتافات هبّة النقب، إذ أشاد المحتجون بأهلها وشحذوا هممهم بترديد" "يا سبعاوي يا مغوار.. احمي الأرض واحمي الدار".
ويُوضح أن "جدلية الصمود لا خلاف عليها في تفاصيل الهتافات، فالصمود والأرض توأمان لا ينفصلان"، مشيرًا إلى أن المحتجين أكدوا بشعاراتهم أن "الأرض لأهلها وأن حلم التحرر قائم مادام هناك فلسطيني واحد يتنفس".
وسيلة وغاية..
ويرى "عصيدة" أن الحفاظ على الأرض وسيلته الثورة والغضب وصولا لطرد المحتل من مناطق النقب، غير عابئين بالاعتقالات والتنكيل، ومثال ذلك : "بدنا نحكي عالمكشوف، صهيوني ما بدنا نشوف"، و"شعب النقي صاح وقال فليسقط الاحتلال".
وحضرت في الهتافات التي ناصرت النقب من مختلف المدن الفلسطينية، معاني وحدة "الحال والمآل"، عن ذلك يُحدثنا الناقد الفني: "اتحد الفلسطينيون ووقفوا صفًا واحدًا بوجه الاحتلال وعبروا من خلال وقفات الإسناد عن فكرة الشعب الواحد"، وشدوا من أزر أهالي النقب بترديد: "يا نقبنا شد الحيل، إلا ما يرحل هالليل".